ماذا حققت حكومة بنكيران؟





مرت نصف الولاية الحكومية، ودخلت حكومة بنكيران في العد العكسي لنصف عمرها الثاني، فيبقى السؤال مشروعا، ماذا تحقق في عهد هذه الحكومة وما الذي لم يتحقق؟ أمام حجم الانتظارات التي وضعها المغاربة على أول حكومة منبثقة من صناديق الاقتراع، وفق مقتضيات الدستور الجديد، حكومة يقودها حزب قدم للناخبين وعودا بإنجاز الإصلاحات الكبرى، ومحاربة الفساد واقتصاد الريع، وتنزيل مضامين الدستور الجديد على أرض الواقع.

لماذا رفض رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران المثول أمام غرفتي البرلمان، لتقديم حصيلة نصف ولايته الحكومية، كما تم الاتفاق على ذلك في الاجتماعات الماراطونية التي عقدتها هيأة الأغلبية الحكومية، لوضع الخطوط العريضة لأولويات البرنامج الحكومي، وتعديل ميثاق الأغلبية؟
ربما السؤال يجيب عن نفسه، لأنه بكل بساطة ليست هناك حصيلة تستحق عرضها على البرلمان، الذي من المفروض أن يراقب العمل الحكومي، ومدى التزام الحكومة بالبرنامج الحكومي الذي عرضه بنكيران، مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة، وتعيين أعضاء حكومته، قبل سنتين ونصف. كما يرفض بنكيران المثول أمام مجلسي النواب والمستشارين، لتقديم الحصيلة السنوية لحكومته، كما ينص على ذلك الفصل 101 من الدستور.

مسؤولية بدون محاسبة

لجأت فرق المعارضة بمجلس المستشارين إلى صيغة جمع التوقيعات على عريضة سيتم توجيهها إلى رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لمطالبته بالمثول أمام البرلمان، لتقديم حصيلة نصف ولايته الحكومية، وتخصيص جلسة المساءلة السنوية، لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، كما ينص على ذلك الفصل 101 من الدستور. وستعمل فرق المعارضة على جمع أزيد من 136 توقيع، أي أغلبية أعضاء المجلس، وذلك بعدما جرى تعطيل انعقاد الجلسات السنوية المتعلقة بمناقشة وتقييم السياسات العمومية لمدة سنتين.
وينص الفصل 101 من الدستور على أن رئيس الحكومة يعرض أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين، وتُخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، وهي الجلسة التي لم تنعقد رغم مرور أزيد من سنتين على تنصيب حكومة بنكيران الأولى.
وبعد مرور نصف الولاية الحكومية، هناك شبه إجماع على أن الحكومة لم تنجح في تحقيق أية خطوة في مسار الإصلاحات الكبرى التي أعلن عنها، وعلى مدى أزيد من سنتين على تعيين عبد الإله بنكيران رئيسا لأول حكومة في ظل الدستور الجديد، ورغم الصلاحيات الكبيرة التي منحها الدستور لرئيس الحكومة لم يسبق أن تمتع بها أي وزير أول في تاريخ المغرب، تبدو حصيلته خلال السنتين الماضيتين هزيلة جدا مقارنة مع حجم الانتظارات التي رافقت تعيين حكومته، بعدما حقق حزب العدالة والتنمية الذي يقودها فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر من سنة 2011، وطيلة نصف عمر ولاية حكومته، لم ينجح بنكيران في تحقيق أية خطوة في مسار الإصلاحات الكبرى التي أعلن عنها. فكل الملفات التي حاولت حكومته الاقتراب منها، مازالت على حالها، من قبيل صندوق المقاصة الذي مازال إصلاحه مجرد حبر على الورق، وصناديق التقاعد المهددة بالإفلاس، وتشغيل العاطلين الذين أعلن عليهم بنكيران الحرب، وتجميد الحوار الاجتماعي مع النقابات. كما فشل بنكيران في تنزيل الدستور، من خلال إخراج القوانين التنظيمية المكلمة له. فبعد مرور سنتين من عمر ولاية حكومته التي تعتبر ولاية تأسيسية، مازالت أغلب القوانين المكملة للدستور فوق الرفوف، ومنها القوانين الانتخابية التي سيتم بموجبها تنظيم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

برنامج حكومي مع وقف التنفيذ

يرى المتتبعون للشأن السياسي والحكومي المغربي، أن حكومة بنكيران لم تتمكن من الالتزام بمضامين البرنامج الحكومي، حيث اعتبر هذا البرنامج على سبيل المثال، الشغل ومحاربة البطالة أولوية الحكومة بامتياز، وذلك بهدف تخفيض معدل البطالة إلى 8 في المائة في أفق 2016. ووعدت الحكومة بتعزيز الإطار المؤسساتي لسياسة التشغيل وتطوير الإجراءات الإدارية للتشغيل وتدعيم قدرات رصد وتحليل وتقييم سوق الشغل. وعلى العكس من هذه الالتزامات والوعود، ترى أحزاب المعارضة، آلاف مناصب التشغيل في الوظيفة العمومية التي أقرها قانون المالية لسنة 2012، مازالت لم تستعمل لحد الآن، واتهموا الحكومة بالتنصل من التزام التشغيل المباشر لفئة من المعطلين.
كما دخلت «الإصلاحات الكبرى» التي أعلنها عبد الإله بنكيران ضمن برنامجه الحكومي، إلى قاعة الانتظار، بعد إهدار الكثير من الزمن لمعالجة الأزمات التي تندلع داخل البيت الحكومي. وبعد وصول المفاوضات التي قادها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وصلاح الدين مزوار إلى إنقاذ الحكومة من الانهيار، وتشكيل الحكومة الجديدة، أصبحت الحكومة تسارع الزمن من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. ومن بين أبرز الملفات التي مازالت عالقة، تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، والعمل على مواكبة المستجدات التي جاء بها، وبالتالي ممارسة صلاحياتها الدستورية على الوجه المطلوب لترجمة الانتظارات الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والشغل والعدالة والاجتماعية والقضاء، خاصة أن بنكيران كان قد تعهد خلال برنامجه الحكومي لحكومته السابقة، بجعل من ولاية حكومته الحالية، ولاية استثنائية نظرا لحجم المهام المطروحة عليها، خاصة في الجانب المتعلق بتنزيل الدستور، فإنه أصبح الآن أمام حيز زمني لا يتعدى أربع سنوات لاستكمال الورش الدستوري، وتجاوز عجز حكومته السابقة في إحراز أي تقدم في هذا الإطار.
ويبقى رهان تنزيل الدستور، عبر إخراج القوانين التنظيمية المكلمة له، من أهم التحديات التي فشلت الحكومة في مواجهتها خلال النصف الأول للولاية الحكومية، ومازالت أغلب هذه القوانين معلقة، مما سيعطل إنجاز العديد من الإصلاحات المرتبطة بهذه القوانين، وعلى رأسها ورش الجهوية الموسعة، ويستوجب هذا الوضع الرفع من وتيرة الأداء بإخراج المشاريع المهمة، ومن بينها مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهوية الموسعة، إخراج القوانين المتعلقة بالانتخابات الجماعية والجماعات الترابية، فضلا عن أهمية تفعيل الفصل 82 المتعلق بفصل السلط، وفي مقدمتها السلطة القضائية، وإخراج القوانين المتعلقة بالخصوص بالمجلس الأعلى للحسابات وبالجماعات المحلية وبالمناصفة.
وعلى المستوى الاقتصادي، فبالرغم من الوعود التي قطعها بنكيران على نفسه بمواجهة الأزمة الاقتصادية، والرفع من معدل النمو إلى 7 في المائة، وتقليص عجز الميزانية إلى 3 في المائة. وبعد مرور سنتين من تعيينه رئيسا للحكومة، انقلبت الأرقام، ولم تتجاوز نسبة النمو معدل 3 في المائة، في حين بلغ عجز الميزانية 7 في المائة، وهو ما كان له الأثر البالغ على تطور نمو الاقتصاد الوطني، وذلك بسبب تراجع مؤشر الثقة في هذا
الاقتصاد الوطني.


وضعية اقتصادية مقلقة في ظل تراجع معدل النمو وتفاقم عجز الميزانية

تعتبر المؤشرات الاقتصادية، من أهم المؤشرات لقياس نجاح أي حكومة بالعالم. وبالرجوع إلى الأرقام والإحصائيات الرسمية الصادرة عن مؤسسات وطنية ودولية، يتضح أن الوضعية الاقتصادية بالمغرب أصبحت جد مقلقة، في ظل انشغال مكونات التحالف الحكومي بحل خلافاتها الداخلية والانخراط في صراعات مفتعلة مع أحزاب المعارضة والنقابات.
وبالرجوع إلى حصيلة حكومة بنكيران، خلال سنتين من عمرها، وبلغة الأرقام التي تخص نسبتي النمو والعجز اللذين يعتبران من المؤشرات الأساسية في قياس مدى تقدم أو تقهقر أي بلد، ورغم الوعود التي قطعها بنكيران على نفسه بمواجهة الأزمة الاقتصادية، والرفع من معدل النمو إلى 7 في المائة، وتقليص عجز الميزانية إلى 3 في المائة، وبعد مرور سنتين من تعيينه رئيسا للحكومة، انقلبت الأرقام، ولم تتجاوز نسبة النمو معدل 3 في المائة، في حين بلغ عجز الميزانية 7 في المائة، وهو ما كان له الأثر البالغ على تطور نمو الاقتصاد الوطني، وذلك بسبب تراجع مؤشر الثقة في هذا الاقتصاد.
ولم تلتزم حكومة بنكيران بالوعود المتضمنة في التصريح الحكومي، بتحقيق نسبة نمو بمعدل 5.5 في المائة، خلال السنة الماضية، ولذلك حذرت المندوبية السامية للتخطيط من الضعف والهشاشة الهيكلية للاقتصاد الوطني، والذي أدى إلى تفاقم عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات الذي بلغ 10 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي وعجز الميزانية الذي بلغ 7.6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وتتوقع الحكومة، أن يصل معدل النمو الاقتصادي المتوقع في حدود 4.2 في المائة سنة 2014، مقابل 4.8 في المائة خلال سنة 2013، وبخصوص معدل التضخم، أكدت أنه سيبقى متحكما فيه، حيث من المنتظر أن لا يتجاوز نسبة 2 في المائة مقارنة مع 2.2 في المائة برسم سنة 2013، أما بخصوص عجز الميزانية، تتوقع الحكومة تقليص عجز الميزانية إلى 4.9 في المائة سنة 2014 في أفق بلوغ 3.5 في المائة سنة 2016، وذلك من خلال إجراءات تهدف إلى الرفع من فعالية النفقات العمومية وتعبئة الهوامش المتاحة على مستوى الموارد.
كما توقعت المندوبية، أن تسجل الأسعار ارتفاعا سيصل إلى 1,7 في المائة، في ظل نهج نفس السياسة المالية لدعم أسعار الاستهلاك وسياسة نقدية تستهدف التضخم، كما سيواصل معدل الادخار الداخلي، منحاه التنازلي الذي عرفه خلال السنوات الأخيرة، نتيجة زيادة الاستهلاك النهائي الوطني بوتيرة أعلى من معدل نمو الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية.

عدم إخراج القوانين المكملة للدستور الجديد

أهم ورش فشلت فيه حكومة بنكيران، بعد مرور نصف عمر ولايتها، هو ورش تنزيل الدستور الجديد الذي صوت عليه المغاربة قبل نحو ثلاثة سنوات، من خلال وضع القوانين التنظيمية والقوانين العادية المكملة لهذا الدستور، ويسود تخوف كبير في أوساط الأحزاب السياسية من عجز الحكومة الحالية عن استكمال الورش الدستوري الذي انطلق مع الربيع الديمقراطي المغربي، وهو الربيع الذي أوصل بنكيران إلى صدارة الانتخابات التشريعية التي خولت له قيادة الحكومة الحالية، خاصة أنه بعد مرور قرابة سنتين من عمر الحكومة الحالية، لم تنجح في تنزيل أهم القوانين المنصوص عليها في الدستور، واستكمال بناء المؤسسات الدستورية الجديدة.
وكان رئيس الحكومة نفسه قد اعتبر أثناء تقديمه لبرنامج حكومته أمام البرلمان، أن الولاية التشريعية الحالية ولاية استثنائية بامتياز، بالنظر لما نص عليه الدستور من ضرورة تنزيل مقتضياته أثناءها، وهو مسلسل إصلاحٍ عميق للدولة وتجديد لوظائفها وتطوير بنيتها وتأهيل أدوارها وإرساء قواعد التلاؤم والتكامل والتعاون بين مؤسساتها، لكسب تحديات الحكامة الجيدة والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، مما يعزز إشعاع النموذج المغربي وجاذبيته. وقال «إن تنزيل مقتضيات الدستور يكتسب، تبعا لذلك، أبعادا متعددة تقتضي تدبيرا تشاركيا في صياغة وبلورة استحقاقاته، يجمع الأغلبية والمعارضة وعموم مكونات المجتمع في إطار تفاعلي مشترك، والارتكاز على تأويل ديموقراطي، واعتماد توقع زمني وفق أولويات واضحة على مدى السنوات الخمس المقبلة». وأوضح أن أهم هذه الأبعاد تتمثل في إصدار أكثر من 16 قانونا تنظيميا وما لا يقل عن 20 قانونا عاديا، وفق مخطط تشريعي مندمج مع إعطاء الأولوية للقوانين ذات الطبيعة المهيكلة كالقوانين التنظيمية الخاصة بعمل الحكومة والتعيينات والقضاء والأمازيغية والمالية ولجان تقصي الحقائق، كما أكد أن الحكومة عازمة على ترسيخ الحقوق والحريات من خلال العمل على تنزيل مقتضيات الدستور باعتباره يشكل خارطة طريق لتعزيز حقوق الإنسان وإصلاح وملاءمة المنظومة القانونية المتعلقة بالحقوق الأساسية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية .
ورغم وضع الحكومة لمخطط تشريعي بهدف ضمان تنزيل جميع القوانين المرتبطة بتفعيل الدستور، إلا أن هذا المخطط اصطدم بمعارضة قوية من لدن البرلمانيين الذين اعتبروا هذا المخطط محاولة من الحكومة للاستفراد بالعمل التشريعي، ومصادرة حق البرلمانيين في التشريع. وأثار اقتراح الحكومة لمجموعة من القوانين التنظيمية رغم شروع البرلمان في مناقشة نفس القوانين التي اقترحتها بعض الفرق البرلمانية، أزمة دستورية بين المؤسسة التشريعية والمؤسسة التنفيذية، وهو ما زاد من حدة الاحتقان بين المؤسستين، انضافت إلى الأزمة الحكومية، وهو ما أثر بشكل سلبي على الأداء التشريعي، ودخلت المؤسسة البرلمانية بدورها في حالة انتظار لما ستسفر عنه مفاوضات تشكيل الحكومة.

تراجع حرية الصحافة والتعبير وفشل إصلاح الإعلام العمومي

أعلنت الحكومة في بداية تنصيبها، عن نيتها إصلاح الإعلام العمومي والنهوض بوضعية الصحافة وحرية التعبير، لكن واقع الحال، أثبت عكس ذلك، فلا الحكومة نجحت في إصلاح الإعلام العمومي، ولا حرية التعبير تحسنت في عهد هذه الحكومة، فقد تراجع ترتيب المغرب في سلم حرية الصحافة والتعبير، كما فشل الوزير الإسلامي، مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، في معركة دفاتر التحملات، إذ استسلم في بداية المعركة، وكشف أمام البرلمان، عن وجود صعوبات ومشاكل في تطبيق دفاتر التحملات التي وضعتها الحكومة لتنظيم قنوات الإعلام العمومي، معلنا رفع «الراية البيضاء» أمام من أسماهم جيوب المقاومة الذين تضررت مصالحهم جراء الشروع في تطبيق دفاتر التحملات.
وبخصوص حرية الصحافة والتعبير، كشف التقرير السنوي لمنظمة فريدم هاوس الأمريكية، عن تراجع كبير لحرية الصحافة في المغرب، وأظهر التقرير تراجع المغرب على مستوى حرية الصحافة إلى الرتبة 147 من أصل 197 دولة كانت موضوع بحث هذه المنظمة الدولية غير الحكومية.
ويأتي تراجع المغرب خلال السنة الماضية بعدما كان قد أحرز تقدما ببعض الرتب على مستوى تصنيف المنظمة خلال السنة التي قبلها حينما احتل الرتبة 157، إذ إنه في التصنيف الجديد اعتبر المغرب بلدا «غير حر» في مجال الصحافة بمعدل تجاوز 66 نقطة. وأورد التقرير، أن دولا مثل المغرب، مصر، ليبيا، الأردن وتركيا، وهي بلدان يغلب على قيادات حكوماتها الطابع الإسلامي، تعرف تراجعا مستمرا على مستوى حرية الصحافة، لتصل إلى أدنى مستوى لها خلال العقد الماضي، واستند التقرير على القيود التي تمارسها الحكومات على وسائل الإعلام والتضييق على عمل المراسلين والتشديدات على منافذ مصادر الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي والأنترنت، بالإضافة إلى ازدياد الاعتداءات على العاملين في المجال الصحافي. وأضاف أن حرية الصحافة في العالم تراجعت إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد، لاسيما بسبب اعتداءات كبيرة على الصحفيين ووسائل الإعلام في منطقة الشرق الأوسط، وأوضح بأن هناك واحدا من ستة أشخاص فقط، أو 14 بالمائة من إجمالي السكان، يعيشون في مكان يصنف فيه الإعلام بأنه حر في مقابل 44 بالمائة يعيشون في أماكن يصنف فيها الإعلام بغير الحر، فيما يعيش 42 بالمائة في أماكن يصنف فيها الإعلام بأنه حر جزئيا كالمغرب، يشير التقرير.


إصلاح صندوق المقاصة عن طريق رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية

كشف التقرير الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات حول منظومة المقاصة، وقدمه الرئيس الأول للمجلس، إدريس جطو، أمام مجلس النواب، عن أرقام صادمة حول الجهات التي تستفيد من الأموال التي تخصصها الحكومة لهذا الصندوق. واقترح المجلس وضع استراتيجية حقيقية لإصلاح الصندوق، عبر رفع الدعم تدريجيا عن المواد البترولية السائلة، وتعويضه بمساعدات على الاستثمار.
وذكر التقرير أن تكاليف المقاصة سجلت منحى تصاعديا انعكس سلبا على توازن الميزانية والحسابات العمومية، إذ ارتفعت تكاليف المقاصة بين سنتي 2002 و2012 من 4 مليارات درهم إلى 56.3 مليار درهم، وقد وصلت إلى 44.4 مليار درهم برسم سنة 2013، بنسبة تمثل 5.1 من الناتج الداخلي الخام. ورصد قانون المالية لسنة 2014 تكاليف المقاصة بمبلغ يصل إلى 41.6 مليار درهم، منها 36.6 مليار درهم مرصودة للمواد البترولية، و3 مليارات درهم لدعم السكر، و2 مليار درهم لدعم الدقيق.
وأثار موضوع إصلاح صندوق المقاصة، جدلا واسعا منذ تشكيل حكومة بنكيران، والتي وضعت من أولوياتها الشروع في إصلاح هذا الصندوق قبل انتهاء ولايتها الحالية، لكن بعد مرور حوالي سنتين من تنصيب الحكومة، لم تتمكن الأخيرة من وضع تصور شامل لهذا الإصلاح الذي تعثر في خطواته الأولى، بسبب الارتجالية التي طبعت عمل الحكومة بهذا الخصوص، والخرجات الإعلامية غير المحسوبة للوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة السابق، محمد نجيب بوليف، والذي رسم منذ تنصيبه العديد من السيناريوهات لهذا الإصلاح قبل أن يتراجع عنها، من قبيل سيناريو توزيع الدعم المباشر على الفقراء والذي أثار جدلا واسعا، قبل أن يتبرأ رئيس الحكومة بنفسه من هذا المقترح، داعيا إلى فتح نقاش مجتمعي موسع حول الإصلاح مع كافة الأطراف.
وأمام ارتفاع التكلفة المالية لهذا الصندوق والتي تجاوزت حجم الميزانية المرصودة له في قانون المالية لسنة 2013، اكتفت الحكومة بوضع إجراءات ترقيعية تروم تقليص نفقات الصندوق والدعم العمومي المخصص له، ومن بين هذه الإجراءات التي تعتبرها الحكومة تدخل في إطار إصلاح هذا الصندوق، قررت الحكومة وفي عز الأزمة الحكومية تطبيق نظام المقايسة الذي أفضى بشكل مباشر إلى الزيادة في أسعار المحروقات.
وسبق للحكومة أن أعلنت عن وضع تصور حول إصلاح هذا الصندوق، يندرج على مقاربة تدريجية تهدف إلى تحقيق التوازن بين مختلف الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والمالية لنظام الدعم، وتفعيل نظام للحماية ضد تقلبات الأسعار عبر اعتماد الآليات الملائمة التي من شأنها أن تساعد على التحكم في فاتورة دعم الطاقة، لكن محمد الوفا، وزير الشؤون العامة والحكامة، كشف عن سيناريو مغاير لإصلاح هذا الصندوق، يقوم على تقليص نفقات الدولة، وإخراج مواد استهلاكية أخرى من لائحة الدعم، على غرار ما قامت به الحكومة، برفع الدعم عن المحروقات والذي دخل حيز التطبيق. وأكد الوفا، أن هناك مواد أخرى مرشحة لرفع دعم المقاصة عنها، وهو ما يعني الزيادة في أسعارها.
كما أن حكومة بنكيران، أعلنت عبر وزارة الشؤون العامة والحكامة، عن حذف البنزين الممتاز والفيول والرقم 2 من قائمة المواد المدعمة من قبل صندوق المقاصة، بالإضافة إلى تخفيض الدعم الأحادي عن مادة الغازوال تدريجيا إلى غاية 16 أكتوبر المقبل، وبذلك ستكون الحكومة قد قررت ضمنيا الزيادة في أسعار المحروقات، لتعويض 8 ملايير درهم التي تم إلغاؤها من الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة في قانون المالية الحالي.
وأمام هذه القرارات الحكومية التي تقوم على الزيادة في الأسعار، والتي تنضاف إلى تجميد الحوار الاجتماعي، ستؤدي لا محالة إلى تزايد حدة الاحتقان الاجتماعي الذي يعرفه المغرب، مما يجعل البلاد على حافة «الانفجار الاجتماعي» بسبب قرارات الحكومة بالزيادة في أسعار المحروقات. والقرار الأخير بتطبيق نظام المقايسة وما ترتب عنه من الزيادات في أسعار المحروقات، سيزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي.


إغراق البلاد بالديون الخارجية وتجاوز الخط الأحمر المسموح به

أعلن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، أمام مديرة صندوق النقد الدولي، أن الحكومة تعتزم تمديد الخط الائتماني مع صندوق النقد الدولي، والذي تبلغ قيمته 6.2 ملايير دولار، فضلا عن حصول الحكومة خلال السنة الجارية على قروض جديدة من مؤسسات مالية دولية، وسط الانتقادات الموجهة إلى الحكومة بإغراق البلاد بالديون، وتجاوز الخطوط الحمراء المسموح بها.
وخصص المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي الأخير، حيزا مهما لتناول الوضعية الاقتصادية للمغرب، وتضمن انتقادات وتوصيات تهم ارتفاع حجم المديونية الداخلية والخارجية، وخاصة اللجوء المفرط إلى الاقتراض الخارجي خلال سنة 2012، والذي تزامن مع السنة الأولى من عمر حكومة بنكيران.
وكشف المجلس الأعلى للحسابات جملة من الاختلالات التي تهم المديونية الداخلية والخارجية، وأوصى السلطات العمومية بإرساء تأطير أفضل لمستوى المديونية، وإعادة النظر في تأطيرها المؤسساتي، وبالخصوص إقرار فصل بين مستوى التدبير التنفيذي للدين، ومستوى اتخاذ قرار سياسة المديونية.
هذا وعرف معدل دين الخزينة ارتفاعا كبيرا، فقد انتقل من 53,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2001، إلى 59,4 في المائة برسم سنة 2012. وذكر تقرير مجلس الحسابات، أن تدبير الدين تميز منذ سنة 1993، بتبني مقاربة جديدة قائمة على توزيع جديد بين الموارد الداخلية والخارجية، من أجل تقليص ثقل الدين الخارجي وتكاليفه للوصول إلى مستوى مقبول. وقد مكنت هذه المقاربة من تخفيض الدين الخارجي للخزينة من 80 في المائة من دينها الإجمالي سنة 1984، إلى حوالي 24 في المائة سنة 2012، حيث تم تعويض هذا الدين تدريجيا باللجوء المكثف إلى المصادر الداخلية، مما نتج عنه تزايد الدين الداخلي من 20 في المائة سنة 1984، إلى 76 في المائة من دين الخزينة سنة 2012.
وأورد تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أنه إلى غاية نهاية 2012، بلغ مخزون دين الخزينة الداخلي والخارجي ما مجموعه 493,67 مليار درهم، مقابل 327,52 مليار درهم سنة 2005، بزيادة 50 في المائة. أما نسبة دين الخزينة من الناتج الداخلي الخام، فقد سجلت تراجعا ملحوظا منذ 2009، إذ انتقلت من 46,9 في المائة إلى 59,6 في المائة نهاية 2012.
وأكد التقرير، أن حجم الدين العمومي وصل خلال نهاية سنة 2012، إلى 589 مليار درهم، ممثلا بذلك أكثر من 71 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بزيادة أكثر من 7 نقط بالمقارنة مع 2011. أما بنية استحقاق الدين الداخلي، فقد ظلت تهيمن عليها سندات الخزينة المصدرة عن طريق المزايدة، والتي مثلت ما يقرب من 95 في المائة من الحجم الإجمالي، ووصلت في الأسدس الأول من سنة 2013 إلى 387 مليار درهم. وظلت هذه السندات أهم مكون للدين التفاوضي بنسبة 73 في المائة من مخزون دين الخزينة.
ولاحظ المجلس الأعلى للحسابات، أن حجم الدين الخارجي المضمون من طرف الدولة بلغ، إلى نهاية 2012، أكثر من 95 مليار درهم، أي 45 في المائة من الدين الخارجي العمومي، بينما بلغ حجم الدين الداخلي المضمون 17,63 مليار درهم، أي 4,66 في المائة من الدين الداخلي العمومي.
ومن جهة أخرى، وإلى غاية نهاية 2012، بلغ حجم الدين الخارجي الذي تمت تعبئته من طرف الخزينة، 116 مليار درهم بزيادة قدرها 80 في المائة تقريبا بالمقارنة مع سنة 2006، مما يشكل 55 في المائة من الدين الخارجي العمومي، وبلغت خدمة دين الخزينة التي تشمل أصل الدين والفوائد والعمولات، خلال سنة 2012، ما قدره 105,6 ملايير درهم، مقابل 95,7 مليار درهم سنة 2011، و108,2 ملايير درهم سنة 2010.

الحكومة رفعت الراية البيضاء أمام الفساد واقتصاد الريع

من شعار «محاربة الفساد والاستبداد»، إلى شعار «عفا الله عما سلف»، هكذا تحول شعار محاربة الفساد الذي شكل محور خطاب حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، خلال نصف الولاية الحكومية الحالية. فرغم الدخول «القوي» لبعض أعضاء الحكومة، بإقدامهم على نشر لوائح المستفيدين من اقتصاد الريع، إلا أن محاربتهم للفساد، توقفت في حدود نشر هذه اللوائح، بعدما عرفوا أن «العصيدة سخونة» كما يقول المثل الشعبي. وأكملت الحكومة «خيرها» في العفو «عما سلف»، بإقرار قانون العفو عن مهربي الأموال إلى الخارج، وهو القانون الذي مررته الحكومة في اللحظات الأخيرة لمناقشة قانون المالية لسنة 2014، وهو القانون الذي صوتت ضده المعارضة، واعتبرته تطبيعا مع مهربي الأموال.
ومنذ تنصيب هذه الحكومة، عمد وزراء العدالة والتنمية، إلى نهج «موضة» نشر اللوائح، حتى أن بعض التعليقات ساخرة، أطلقت على هذه الحكومة «حكومة اللوائح».
وأول من قام بنشر اللوائح، وزير التجهيز والنقل، عزيز رباح، الذي نشر لوائح المستفيدين من رخص النقل «الكريمات»، وهي العملية التي أثارت ردود فعل متباينة، إذ اعتبر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن نشر لائحة «كريمات» النقل العمومي للمسافرين، يعد خطوة مهمة في ترسيخ مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة.
ولم تتوقف عملية نشر اللوائح عند هذا الحد، بل أصر وزراء العدالة والتنمية على مواصلة النشر، وهي العملية التي اعتبروها تدخل في إطار محاربة الفساد واقتصاد الريع، ليقوم رباح مرة أخرى بنشر لوائح المستفيدين من المقالع، كما أقدم وزير الاتصال، مصطفى الخلفي على نشر لوائح الجرائد والمجلات المستفيدة من الدعم، وقامت بسيمة حقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن بنشر لائحة الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي، فيما سار على نفس النهج، لحسن الداودي الذي نشر لائحة الطلبة المستفيدين من المنح والسكن الجامعي.
وكانت مكونات المعارضة بالبرلمان، قد انتقدت نشر تلك اللوائح دون أن تكون مرفوقة ومسنودة باستراتيجية واضحة وبإجراءات مصاحبة لمحاربة الفساد والريع، وانتقدت التشهير بمواطنين بسطاء فيما تمت حماية أسماء كبار المفسدين من الريع وتعويضها برموز الشركات التي لا يفك طلاسميها إلا أصحابها. كما أثار الشعار الذي أطلقه بنكيران «عفا الله عما سلف» نقاشا واسعا، بحيث اعتبره البعض إعلانا من طريق رئيس الحكومة للتطبيع والتعايش مع الفساد.
وأمام حجم ملفات الفساد المعروضة على القضاء والتقارير المنجزة من طرف المجلس الأعلى للحسابات، لم تراوح حكومة بنكيران مكانها في محاربة الفساد ونهب المال العام، ولم تلتزم الحكومة بما ورد في البرنامج الحكومي بمكافحة الفساد في تدبير الشأن العام، وسبق لرئيس الحكومة الإعلان عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات تتمثل في العمل على تقوية مؤسسات الرقابة والمحاسبة وتكريس استقلالها وتفعيل توصيات تقاريرها، عبر توطيد دور المفتشية العامة للمالية من خلال تحديث المنظومة القانونية المؤطرة لتدخلاتها .
كما تشمل هذه الإجراءات، حسب ما ورد في البرنامج الحكومي، تفعيل دور المفتشيات العامة للوزارات بغرض جعلها أجهزة فعالة للتفتيش والتدقيق الداخلي وانتظامية التفتيشات والافتحاصات المستقلة للمؤسسات العمومية والبرامج القطاعية والصفقات الكبرى، مع العمل على الرفع من مهنيتها، وعلى إحكام التنسيق بين مختلف الأجهزة المختصة، وكذا تطوير وتحديث نظام الحسبة ليساهم في تجويد الخدمات وحماية المستهلك على أساس من مقتضيات الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الدستور.
كما تضمن البرنامج الحكومي عدة إجراءات تتمثل في تحيين وتأهيل التشريع المرتبط بحماية المال العام ومكافحة الإثراء غير المشروع، ووضع ميثاق وطني لمكافحة الفساد وتطوير التشريع المتعلق بالتصريح بالممتلكات وإرساء «الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة» المنصوص عليها في الدستور، وتشمل هذه الإجراءات، أيضا، اعتماد برنامج وطني للنزاهة، وسياسات لمكافحة الفساد على مستوى القطاعات الحكومية، في إطار خطة وطنية مندمجة وتشجيع مشاركة عموم المواطنين في مجهود مكافحة الفساد وإقامة شراكات وطنية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وبين القطاع العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني.


ارتفاع معدل البطالة وتقليص مناصب الشغل

أوصت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي في زيارتها الأخيرة إلى المغرب، بضرورة النهوض بقطاع التشغيل، وتوفير مناصب الشغل لخريجي الجامعات. ولذلك يبقى ملف التشغيل من أهم الملفات المطروحة على طاولة الحكومة، لكن صدمة العاطلين عن العمل كانت قوية، بعد إعلان بنكيران من خلال الرسالة التأطيرية لقانون المالية لسنة 2014، وقف التوظيف في المناصب الشاغرة وتقليص المناصب المالية إلى الحد الأدنى.
وتتجه حكومة بنكيران، حسب ما أعلنته في برنامجها الحكومي إلى دعم التشغيل الذاتي والتشغيل بالقطاع الخاص، وتسعى الحكومة إلى تتبع تنفيذ وتطوير برامج «تأهيل» و«مقاولتي» و«إدماج» وتحسين جدواها على ضوء نتائج الدراسة التقييمية، بالإضافة إلى اعتماد برامج جديدة.
وبالرغم من الإجراءات المعلن عنها في البرنامج الحكومي، لا تحرز الحكومة أي تقدم على أرض الواقع، بخلق مناصب الشغل، وبقيت هذه الإجراءات مجرد وعود على الورق، ومن بينها برنامج «مبادرة»، الذي يهم تشجيع التشغيل في الجمعيات العاملة في مختلف مجالات القرب والخدمات الاجتماعية والتربوية، وبرنامج «تأطير» الذي يخص فئة حاملي الشهادات المعنيين بالبطالة الطويلة الأمد، بوضع منحة لإعادة التأهيل لكل متدرب شهريا في حدود سنة من التدريب، بهدف تأطير 50 ألف سنويا، وبرنامج «استيعاب» كنظام انتقالي تحفيزي لإدماج الاقتصاد غير المهيكل بما يدعم استقرار التشغيل وتحسين ظروفه.
وفي الوقت الذي اعتبر البرنامج الحكومي، قضية التشغيل ومحاربة البطالة من أولويات الحكومة بامتياز، وذلك بهدف تخفيض معدل البطالة إلى 8 بالمائة في أفق سنة 2016، لم تحرز حكومة بنكيران منذ تنصيبها أي تقدم في هذا المجال، بل تفاقمت نسبة البطالة بشكل مهول مقارنة مع السنوات السابقة، وهو ما أكده التقرير الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي وضعه شكيب بنموسى، الرئيس السابق للمجلس بين يدي الملك محمد السادس، والذي تحدث عن استقرار نسبة البطالة عند 9 بالمائة في 2012، عوض 8.9 بالمائة المسجلة في سنة 2011.
وسجل التقرير ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الفئة العمرية 15 - 24 سنة إلى 18.6 بالمائة في عموم البلاد، و33.5 بالمائة في المدن، فيما تبلغ تلك النسبة 16.4 بالمائة في صفوف الشباب حاملي الشهادات على المستوى الوطني،
و18.2 بالمائة في الوسط الحضري. أما حسب الجنس، فقد انتقلت النسبة من 8.4 إلى 8.7 بالمائة في صفوف الرجال، وتراجعت من 10.2 إلى 9.9 بالمائة في صفوف النساء. وعلاوة على ذلك فإن الاستخدام غير التام لليد العاملة يهم 966 ألف شخص، أي ما نسبته 9.2 بالمائة من الساكنة النشيطة.
وذكر التقرير أنه لم يتجاوز عدد مناصب الشغل المؤدى عنه المحدثة في 2012 ما قدره 127 ألف منصب شغل، تعود في غالبيتها إلى أنشطة الخدمات الشخصية وأنشطة تجارة التقسيط، وبقدر أدنى أنشطة الفلاحة والصيد البحري. وفي المقابل سجل قطاع البناء والأشغال العمومية وقطاع الصناعة فقدان ما يناهز 40 ألف منصب شغل، وقد أفضى تدهور الظرفية وتردي وضعية الشغل إلى انخفاض قدره 6 نقاط في مؤشر ثقة الأسر.


منظمات دولية تسجل تدهور وضعية حقوق الإنسان وحرية التعبير

تكاد أغلب المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية، تجمع على تدهور وضعية حقوق الإنسان وحرية التعبير بالمغرب، خلال السنتين الأخيرتين، والتي تتصادف مع تولي عبد الإله بنكيران، رئاسة الحكومة، وكان أبرزها تقرير الخارجية الأمريكية الذي رصد وقوع اختلالات وتجاوزات في مجال حقوق الإنسان بالمغرب، خلال سنتي 2012 و2013. وسجل التقرير تراجع حرية الصحافة وممارسة الرقابة على الصحف، والتضييق على الحق في الولوج إلى المعلومة عبر شبكة الأنترنيت، وكذلك وقوع تجاوزات في قطاع العدل.
كما أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان بمختلف دول العالم، وخصص التقرير جزءا مهما للحديث عن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، خلال السنة الماضية، ورسم التقرير صورة قاتمة لوضعية حقوق الإنسان منذ تنصيب حكومة بنكيران، كما وجه ملاحظات قاسية حول استمرار قمع المسيرات والوقفات الاحتجاجية، وتأخر الحكومة في تنزيل القوانين التنظيمية المكملة للدستور، وهذه أهم الاختلالات التي وردت في تقرير المنظمة الدولية.
وفي ما يخص حرية التعبير تحدث التقرير عن الملاحقة القضائية والمضايقات التي تتعرض لها وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية المستقلة التي تنتقد المسؤولين وسياسات الحكومة، وينص قانون الصحافة على عقوبة السجن على نشر «نبأ زائف» بـ«سوء نية» من شأنه أن يخل بالنظام العام، أو لخطاب قرر أنه تشهيري، كما تضمن التقرير قضية اعتقال الصحفي علي أنوزلا مدير موقع «لكم» الإلكتروني، وانتقد اللجوء المفرط للعنف اتجاه المحتجين. وقال التقرير «واصل المغاربة مسيرات وتجمعات للمطالبة بالإصلاح السياسي والاحتجاج على إجراءات الحكومة منذ أن اجتاحت الاحتجاجات الشعبية المنطقة في فبراير 2011 وغالبا ما تسمح الشرطة بهذه الاحتجاجات، ولكنها في بعض المناسبات في عام 2013 هاجمت وضربت متظاهرين بشدة. على سبيل المثال، في 2 غشت، فرقت الشرطة بعنف مظاهرة صغيرة أمام البرلمان في الرباط ضد العفو الملكي الذي منح لمدان باغتصاب الأطفال، لكن تسامحت السلطات مع التظاهرات اللاحقة ضد العفو الذي قالت – السلطات – إنه منح بالخطأ».
وأورد التقرير أنه لأول مرة أدخل دستور 2011 حماية الحق في تكوين الجمعيات، ولكن في الممارسة، يواصل المسؤولون منع أو إعاقة العديد من الجمعيات تعسفياً من الحصول على التسجيل القانوني، مما يقوض حريتها في العمل، كما تحدث التقرير عن استمرار اعتقال المئات من معتقلي السلفية الجهادية، كما أفرد حيزا للحديث عن سلوك الشرطة والتعذيب ونظام العدالة الجنائية، وأشار إلى أن المحاكم المغربية تواصل فرض عقوبة الإعدام، ولكن السلطات حافظت على الوقف الفعلي الذي بموجبه لم تنفذ أي حكم بالإعدام منذ أوائل التسعينيات.
واستند تقرير المنظمة الدولية على التقرير النهائي الذي أعده المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، خوان منديز، الذي خلص إلى وجود نمط من التعذيب وسوء المعاملة على أيدي رجال الشرطة أثناء عملية الاعتقال وأثناء الاحتجاز، ثم إكراه العديد من الأفراد على الاعتراف، والحكم عليهم بالسجن على أساس مثل هذا الاعتراف.
وتضمن التقرير انتقادات قاسية بخصوص وضعية العدالة بالمغرب، وتحدث عن عدم قيام المحاكم بدعم حق المتهمين في الحصول على محاكمة عادلة في القضايا السياسية والمرتبطة بالأمن، وفي بعض الحالات، فشلت في إصدار أمر بإجراء الفحوص الطبية التي قد تثبت مزاعم المتهمين بتعرضهم للتعذيب، ورفضت استدعاء شهود النفي، وأدانت متهمين بناء على اعترافات من الظاهر أنها منتزعة بالإكراه، كما تحدث عن أوضاع السجون، حيث يعيش السجناء في ظروف قاسية، ويرجع ذلك، حسب التقرير، بشكل كبير إلى الاكتظاظ الشديد، وهي مشكلة تفاقمت بسبب لجوء قضاة التحقيق بشكل متكرر إلى الاعتقال الاحتياطي للمشتبه بهم.
كما وجه التقرير انتقادات بخصوص وضعية النساء والفتيات والعاملات المنزليات، وأشار إلى أنه على الرغم من أن القوانين تحظر تشغيل الأطفال دون سن 15، ولكن فتيات قد تصل أعمارهن إلى 8 سنوات يواصلن العمل في المنازل الخاصة لمدة تصل إلى 12 ساعة في اليوم مقابل 11 دولارا أمريكيا شهريا. وأورد التقرير أنه «في بعض الحالات، يضرب أصحاب العمل الفتيات ويسبوهنّ، ويحرموهن من التعليم، ومن الغذاء الكافي»، كما تحدث عن استثناء مدونة الشغل المغربية عاملات المنازل من نطاق حمايتها، بما في ذلك كفالة الحد الأدنى للأجور، وتحديد ساعات العمل، ويوم الراحة الأسبوعية، فضلا عن عدم المصادقة على مشروع قانون معدل لتقنين العمل المنزلي وتعزيز الحظر القائم على سن 15 للعمال المنزليين الذي قدمته الحكومة سنة 2006.


عدم تفعيل الجهوية الموسعة وتنظيم الانتخابات الجماعية

تعتبر الجهوية المتقدمة ورشا وطنيا كبيرا تم إطلاقه في إطار تعزيز الحكامة ودعم اللامركزية واللاتمركز، ورغم وجود رصيد وأرضية وضعتها اللجنة الاستشارية للجهوية التي وضعت تصورا متكاملا لهذا الورش الكبير، إلا أن حكومة بنكيران، لم تفتح هذا الملف، من خلال وضع القوانين الضرورية لتنزيل الجهوية، رغم أهمية هذا المشروع قبل إجراء الاستحقاقات الانتخابية للجهات والجماعات المحلية، التي بقيت بدورها معلقة إلى إشعار آخر، بسبب عدم جاهزية الحكومة لوضع القوانين الانتخابية الضرورية.
ورغم إعلان وزير الداخلية محمد حصاد، أمام البرلمان، عن تنظيم الاستحقاقات الانتخابية الجهوية والجماعية والمهنية خلال سنة 2015، إلا أن كل المؤشرات تؤكد استحالة تنظيمها في هذا الوقت، لما تتطلبه العملية من إصدار للقوانين، والحسم في التقطيع الانتخابي، وكلها أوراش تتطلب فتح مشاورات موسعة مع كافة الفاعلين من أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني. وحسب ما هو متعارف عليه، فإن سنة من عمر الحكومة الحالية، ستخصص لإجراء الانتخابات، بمعنى أن سنة الانتخابات تكون عادة "سنة بيضاء" في عمر الحكومات المتعاقبة.
وورد في التصريح الحكومي، أن إرساء الجهوية المتقدمة وتعزيز اللامركزية واللاتمركز، تعتبر ورشا حيويا لتعزيز الديمقراطية وتطوير وتحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المستدامة والمندمجة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا وتعزيز سياسة القرب. ووعدت الحكومة بتفعيل دور الجهات في مجال التنمية وتأهيلها لتدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية وتفعيل التضامن بينها، بهدف التوزيع العادل لثمار النمو والثروات وتمكينها من الوسائل البشرية والمالية اللازمة لتساهم بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وفي الاستثمار الأمثل للمؤهلات والموارد، ومشاركة مختلف الفاعلين المحليين والقطاع الخاص في تطوير وإنجاز المشاريع المهيكلة الكبرى، وتقوية جاذبية الجهات.

تخوفات من إفلاس صناديق التقاعد


رغم مرور نصف الولاية الحكومية، لم تضع الحكومة أي خطة لإصلاح صناديق التقاعد، لإنقاذها من الإفلاس الذي يهددها. ويعتبر إصلاح صناديق التقاعد، من بين الإصلاحات الكبرى التي وعدت بها حكومة بنكيران منذ تنصيبها، لكن يبدو أن هذه الوعود بقيت عالقة، شأنها في ذلك شأن إصلاح صندوق المقاصة، ورغم الأهمية القصوى لهذه الإصلاحات، فإن الحكومة وبعد اندلاع الأزمة داخلها، لم تضع بعد الخطوة الأولى في مسار الإصلاح، وهو ما ينذر بخطورة تجاهل مصير الآلاف من المغاربة الذين يعيشون من المعاشات التي تمنحها صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس في حال عدم اتخاذ قرارات جريئة وبدون انتظارية.
ووفق المعطيات التي سبق أن أدلى بها رئيس الحكومة أمام البرلمان، فإن الصندوق المغربي للتقاعد سيعرف أول عجز مالي له أواخر السنة الجارية، حيث لم تعد موارد الصندوق تغطي نفقات المعاشات المدفوعة للمتقاعدين، مما سيجبره على استعمال الفوائد المالية لتمويل الفارق، مشيرا إلى أن نفقات الصندوق ستفوق موارده بما فيها الفوائد المالية ابتداء من 2014، وفي حال عدم اتخاذ أي إجراء، سيتم تمويل هذا العجز مباشرة من الاحتياطات المالية للصندوق، مما سيؤدي إلى نفاذها بحلول 2021، وبالتالي سيعجز النظام عن صرف معاشات المتقاعدين.
وفي حال عدم اتخاذ أي إجراء، سيصل عجزه السنوي إلى 1,28 مليار درهم سنة 2014، لينتقل إلى 24,85 مليار درهم سنة 2021، و29 مليار درهم سنة 2022، وقرابة 45,66 مليار درهم سنة 2030. وسبق لبنكيران التأكيد على أن الحكومة غير قادرة على أداء العجز السنوي الذي سيعرفه الصندوق، مقترحا حلا شاملا لهذه الوضعية، مشيرا إلى ضرورة توفير 12 مليار درهم سنويا لصناديق التقاعد.
ويتخوف المتقاعدون من تدهور وضعية صناديق التقاعد وإفلاسها، مما سيهدد وضعية أزيد من 10 ملايين منخرط ومتقاعد، وسجل المجلس الإداري للصندوق المغرب للتقاعد، وجود اختلالات في التوازنات المالية، بين المداخيل والنفقات، بحيث أن الرصيد المالي المتوفر حاليا بميزانية الصندوق، سيكفي فقط لتغطية نفقات السنة الجارية، ولذلك شدد أعضاء المجلس الإداري، على ضرورة التعجيل بإصلاح نظام المعاشات المدنية الذي تسوء وضعية توازناته سنة بعد أخرى، معتبرين أن تأخر كل سنة في اعتماد إصلاح نظام المعاشات المدنية سينعكس بفاتورة إضافية تقدر بحوالي 16 مليار درهم على مستوى التزامات النظام.

إرسال تعليق

0 تعليقات