اعتقال أساتذة لسد الخصاص بمراكش


مراكش: لجريدة الأخبار
بعد أزيد من ثمانية أشهر على دخولهم غمار الاحتجاج والاعتصام المفتوح أمام مبنى نيابة وزارة التربية الوطنية بمراكش، دخلت قضية أساتذة سد الخصاص منعطفا حاسما مساء أول أمس الإثنين، وانتهت ببعضهم خلف أسوار الاعتقال والوضع تحت الحراسة النظرية. تضخم الشعور والإحساس بـ” الحكرة” دفع بهؤلاء إلى ارتقاء منحى صعب، حين أحاطوا بنائب وزارة التربية والتعليم وسيجوه بستائر الحصار داخل سيارته ، مانعين إياه من المغادرة في إطار سياسة” إلى عطات بالضيق، عطيها بالتعليق”. خطوة سيكون لها ما بعدها، حين دفعت إلى استنفار الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية التي سارعت لموقع الحصار، في محاولة لتخليص المسؤول التعليمي المذكور من براثن الحصار. انطلقت فصول ” شد لي، نقطع ليك” ، مع إصرار المحتجين على استمرارهم في تطويق النائب ومنع تحركه خارج دائرة الحصار والتطويق. في ظل سخونة الدماء في الرؤوس ، وإصرار كل طرف على موقفه كانت الأحداث تتجه منحى تصاعديا وتنحو نحو دروب الاحتقان، ما جعل الجهات الأمنية تقرر وضع حد لحالة الاحتقان المتنامية وبالتالي اعتماد مبدأ” الباب اللي بجيك منو الريح، سدو واستريح”. تم تسخير بعض سيارات الأمن لحشر المحتجين داخلها، وتنقيلهم صوب ولاية الأمن، مع مطالبة النائب وبعض الأطر النيابية بمرافقتهم لتحرير محاضر رسمية بكل هذه التفاصيل. من أصل 18 أستاذا طالهم التوقيف والاعتقال، انقشع المشهد عن وضع أربعة أساتذة رهن الحراسة النظرية في انتظار إحالتهم على النيابة العامة في حالة اعتقال بتهمة الإهانة والسب والقذف وعرقلة سير العمل بمرفق عمومي، فيما تم إخلاء سبيل باقي الموقوفين. مجموعة من الموظفين بمصالح نيابة وزارة التربية الوطنية، تقدموا صباح اليوم ذاته بشكاية للنيابة العامة وولاية الجهة وكذا مصالح الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، يطالبون من خلالها بفك الحصار المضروب على مبنى النيابة ووقف مظاهر عرقلة سير العمل بها، في ظل أجواء التوتر التي ظلت مخيمة بفعل اعتصام أساتذة سد الخصاص، وإقدام بعضهم على إغلاق بعض الأبواب الرئيسية ومنع مغادرة أو دخول أي كان، ما اضطر المسؤولين إلى اعتماد البوابة الخاصة بمرآب السيارات. وكان اعتصام هذه الفئة من أسرة التعليم ، قد سبب في أكثر من مناسبة في إثارة مجموعة من الإشكالات، والتي انتهى بعضها فوق مكاتب المصالح القضائية بالمدينة. ارتكزت لائحة المطالب على التعجيل بإدماجهم كأطر تربوية بالمؤسسات العمومية، بعد أن ظلوا على امتداد السنتين الأخيرتين يعتمدون في تغطية الخصاص في الأطر التربوية والتعليمية، قبل أن يتم الاستغناء عن خدماتهم،والإلقاء بهم خارج تغطية سوق العمل. مطلب اعتبرته الإدارة خارج قدراتها وصلاحياتها وخارج مجالات اختصاص النائب الذي وجد نفسه عاجزا عن إيجاد نقطة تفاهم تمكن من وصل الخيط المنقطع بينه وهذه الشريحة من حملة الشهادات، ليظل الاحتجاج سيد الموقف، مع تأثيث المحتجين لفضاءات النيابة منذ انطلاقة الموسم الدراسي الحالي،وركوبهم قطار” ما مفاكينش مع الأدماج”. على امتداد السنتين الدراسيتين الأخيرتين، ظلت الجهات المسؤولة على القطاع، تعتمد في تغطيتها للخصاص الحاصل في الأطر التربوية والتعليمية،على حملة الشهادات المعنيين، وتشغيل أزيد من 160 أستاذا من هذه الفئة، لكتم واقع الخصاص الحاد. السنة الدراسية الحالية وبناءا على مذكرات وزارية، سيتم الاستغناء عن خدمات هؤلاء وتعويضهم بالأساتذة المتقاعدين، وتفعيل نظام الساعات الإضافية بالنسبة للأساتذة العاملين، مع إدماج بعض الأقسام في بعضها، ما مكن من سد باب الذرائع، وانتفاء الحاجة لأساتذة سد الخصاص، وبالتالي إبعادهم عن خط الحركة التعليمية بشكل نهائي. خطوة لم تجد قبولا من طرف هذه الشريحة التي رفعت لواء الاحتجاج، والانخراط في اعتصام مفتوح أمام مبنى نيابة وزارة التربية منذ انطلاقة الموسم الدراسي الحالي، ليتم تقسيم جموع المحتجين بعدها إلى مجموعتين، انطلقت إحداهما اتجاه مبنى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، لترابط أمامه وتحيطه بأسباب الاحتجاج الدائم. وضعية لم يكن لها أن تمر دون تسجيل بعض المواجهات،التي أدخلت الأمر برمته دائرة”خلاه ممدود،ومشا يعزي فمحمود”، حين دخل المحتجون في مواجهات مع بعض مدراء المؤسسات التعليمية،الذين حجوا لمبنى النيابة لقضاء بعض المآرب، ليحيطهم سياج الحصار، وتنطلق فصول الشد والجذب”. نائب وزير التربية الذي وجد نفسه في قلب حصار مفروض، سيقرر توجيه بوصلة القضية اتجاه القضاء، وتقديم شكاية للنيابة العامة في شأن ما اعتبره مظاهر استفزاز وتحرش،باتت ترخي بظلالها على سير العمل بفضاء النيابة، واضطراره إلى الاستعاضة بفضاءات بعض المؤسسات التعليمية واتخاذها كقلاع لإدارة يدير من داخلها عجلة السهر على تدبير وتسيير الشأن التعليمي بالمدينة. مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، كان بدوره في صلب المعركة المندلعة، حين بادر بوضع شكايات على طاولة النيابة العامة ووالي الجهة، مع مراسلة المصالح الوزارية لوضعها في صورة مظاهر الاحتقان المسجلة، تماما كما بادر بعض مدراء المؤسسات التعليمية في إطار المواجهة المومإ إليها بتقديم شكايات فردية للمصالح القضائية، في شأن ما اعتبروه اعتداءات مجانية مورست في حقهم من طرف بعض المحتجين. في زحمة هذه الوقائع، ستتطور الأحداث مساء أول أمس وتدخل منعرج التوقيف والاعتقال.
إسماعيل احريملة

إرسال تعليق

0 تعليقات