رسالة من الحاضر إلى المستقبل





بني العزيز الذي لم أره ولن أراه، أنا والدك الذي لن تراه وستسمع عن أمجاده وهفواته، إسمي هو الحاضر، أرسل لك هذه الرسالة مثلما أرسل لي جدك الماضي رسالة حين كنت مستقبلا. 


لن أكون مثل جدك ناصح كبير وأنصب نفسي وصيا عليك، لقد قال لي جدك في رسالته، أنه سيرسل لي رزمة مغربية جيدة، فيها الكثير من النضال والمناضلين، وأخبرني من خلال رسالته أنه أرسل لي مع المناضلين والحقوقيون والاشتراكيون والاسلامويون ثقافة مغربية متنوعة، وأرسل لي مغرب في طريقه إلى النمو، مغرب لن يكون فيه فقير يموت بردا أو جوعا، أخبرني أن أقف إلى جانب المناضلين وأكون لهم سندا، طلب مني أن أشرف إسم العائلة، التي كانت شاهدة على ولادة العظماء ورجاني أن لا أكون مثل أبناء عمومتنا وأخوالنا ممن شوهوا إسم العائلة وعاصروا الكثير من الديكتاتوريين. 


حين قرأت رسالة جدك كان قد توفي، أمنت بها وصدقتها وقررت أن أعمل بها، لم أعلم يوما ما الذي حدث في عهد جدك، لم أعلم أنه غرر بي، وأن ما قاله ليس سوى نصف الحقيقة، لذلك أنا سأعطيك الجانب المظلم ولتبحث أنت عن الجانب المنير، سأمنحك عصارة تجربتي يا بني، ولتضرب إسم العائلة عرض الحائط، فالاهم هو ما ستقوله الاجيال عنك أنت، واين سيصنفونك. 


إسمع يا بني : 


في المغرب لي كيكذب راه حادك، واللي كيشد الرشوة وكيبني بيها العمارات هو لي فهم الوقت، والمعلم لي كانت عندو قيمة كبيرة في الوقت ديال جدك كانو الناس كيحترموه بزاف، دابا رجع كيعيطوليه كوعليم. 


الاحترام انتقل عزيزي من المعلم إلى بارون المخدرات، وملي كيجي الشاب يخطب البنت يلا كان معلم كيسيقوه مع باب الدار ويلا كان دايرهوم بالحرام كايقولوا ودابا يعفوا عليه الله وكيعطيوه البنت، لغة هذا العصر لي كنعيش فيه هي لفلوس، وكيف كيقولوا هاد الناس لي ما عندوا فلوس كلامو مسوس. 


عنداك التيق النقابيين ودير فيها بطل وتنوض تانتا تناضل، راه النضال كلام يسوقه الاذكياء من أجل أن يصعدوا به على ظهور الاغبياء لي نصهم راه فالحبس والنص التاني قريب يدخل ليه، ومن غير النقابيين حتى السياسيين متيقهمش، راه أنا تخربقت معاهم. 


ولكي تعرف ما يفعله هؤلاء سأسوق لك المثال، فمثلا عند إبن عمي في أوروبا السياسي إذا ما إتهم سياسي آخر بتهم السرقة أو التعذيب أو أي إتهام آخر يمس بالدولة والشعب، فإن القضاء يتحرك، والعدالة تصبح طرفا لتبين الحقيقة للشعب، هم لا يستطيعون أن يجعلوا من الاتهامات حملة إنتخابية سابقة لآوانها، لذلك كل واحد فيهوم كيعرف يزم لسانوا ومكيهضر حتى كتكون عندوا الادلة القاطعة، لكن في المغرب الامر له وجه آخر. 


في المغرب يا عزيزي يستطيع شباط أن يتهم بنكيران بالكذب، وتستطيع الاصالة والمعاصرة أن تتهم العدالة والتنمية باعدام الناس وتعذيبهم، كما تستطيع العدالة والتنمية أن تتهم قياديي الاصالة والمعاصرة بإدخال الناس للسجون، ويستطيع الاتحاد الاشتراكي أن يدخل على الخط أيضا والحركة الشعبية وكل ألوان الطيف والالوان غير المعروفة أيضا، يحدث هذا دون أن تتحرك العدالة. 


ستختلط عليك الامور كثيرا حين تشاهد هذه الاتهامات، دون أن تعرف حقيقتها، وللاسف جدك لم يخبرني إن كانت هذه الامور حقيقية، هو أيضا لا يعرف أين إختفى بنبركة، ولا يعرف كيف توفي عباس المساعدي، أو قد يكون عارفا لكنه فضل السكوت مثل الكثيرين، قد يكون هو أيضا متواطئ معهم المهم لا تشغل نفسك بأمور مثل هذه وركز على حاضرك أنت، إنسى المستقبل عزيزي وإعلم أني مرسل لك رزمة فيها الكثير من السياسيين الذين يتبادلون التهم ويستحمرون الشعب ويتذاكون عليه، ورغم خبرتي الطويلة لا زلت لا أفهم لماذا يتبادلون التهم في العلن والقبل في الخفاء، بل إن هناك البعض منهم أصبح يعمل جنبا إلى جنب مع عدو الامس، وسيخبرك التاريخ أن بنكيران أرغد وأزبد وإتهم مزوار وفي الاخير أصبح أقرب المقربين إليه من الوزراء، فقد منحه واحدة من أهم الوزارات يا عزيزي، لذلك لا تصدق ما يقولون أبدا، لا تصدقهم حتى لو قالوا لك أن الشمس محرقة. 


سأرسل لك أيضا لصوص وناهبين للمال العام، وإعلم أنك لن تغير من واقع الحال شيئا لأني سأرسل لك غشاشين في الامتحانات سيصبحون في عصرك هم من يسيرون الوزارات والمؤسسات، ومن كان غشاشا في صغره لن يكون نزيها في كبره.

إرسال تعليق

0 تعليقات