عمود شوف تشوف عد الثلاثاء 10 يونيو 2014



التعاضدية.. أو شي عاض فشي (2/2)

ولمن يشك في عدم قدرة الحكومة على فتح أي ملف من ملفات نقابة موخاريق، بما في ذلك ملف تعاضدية التعليم، فإنه يكفي أن نشير إلى أن وزراء كثيرين في هذه الحكومة هم أعضاء في هذه النقابة، بل إن وزير التشغيل، الذي يفترض أن يكون هو الجهة التي تراقب ما يجري في التعاضدية، هو أيضا عضو في هذه النقابة وحضر بهذه الصفة إلى جانب أمين حزبه بنعبد الله للتجمع الخطابي الذي عقدته النقابة بمناسبة فاتح ماي.
وعندما عقدت نقابة موخاريق مؤتمرا نسائيا يومي 22 و23 مارس 2014، فإن سعادة الوزير سارع إلى تهنئة النقابة على هذا «الانجاز»، وصرح بأنه قدم إلى هذا «النشاط» مباشرة من المطار حيث كان في مهمة خارج المغرب، فالرجل الذي عاش في الظل لعقود، لم يصدق عندما وجد نفسه مرغوبا في حضوره لمؤتمرات ولقاءات كان لا يعرفه فيها أحد، إذن هل سننتظر من وزير مماثل، ما زال لم يصدق نفسه أنه أصبح وزيرا، أن يمارس دور الرقابة الذي يمنحه إياه القانون؟
أما رئيس الحكومة فله حسابات غير حسابات الانتماء، فهو يعرف بأنه خلف خطاب النقد الذي يوجهه موخاريق بمناسبة أو بدونها، فإن العلاقة بين الطرفين تبقى «سمنا على عسل» نظرا لتداخل المصالح.
فالحكومة تفضل تيار موخاريق على حساب تيار عبد الحميد أمين في النقابة، بل وساعدت موخاريق لانتزاع «الشرعية» في قطاعات كثيرة ليكون تياره هو «الممثل الشرعي»، لكونه بنظر بنكيران «خصما متحكما فيه»، لذلك فالحكومة ممثلة في رئيسها تستبعد أي مواجهة مع هذه النقابة.
وعندما أوردنا في عمود سابق خبر وجود تواطؤ بين «نقابة يتيم» و«نقابة موخاريق» على ما يجري في هذه التعاضدية، سارع يتيم لتكذيب وجود أي ترتيب بينه وبين موخاريق، مكتفيا بالحديث أن ملف الخروقات التي تشهدها التعاضدية في يدي وزارة التشغيل والمالية، وهذا اعتراف واضح بوجود هذه الاختلالات، لكن لم يجب يتيم ونقابته عن سؤال «ماذا فعل»، بصفته أولا برلمانيا ممثلا للأمة، ونائبا لرئيس مجلس النواب، وبصفته ثانيا قياديا في الحزب الحاكم، لفضح ما يجري هناك؟
بل إن ممثل نقابة «يتيم» في المجلس الإداري، وهو من مدينة سطات استضافته التجديد في وقت سابق في حوار كان الهدف منه تبرئة ولي نعمته «يتيم» من تهمة التواطؤ مع موخاريق، لم ينف ما ورد من معطيات في ذلك العمود، عندما بسطنا مجموعة من المعطيات الخطيرة التي تشهدها هذه التعاضدية.
وبالعودة إلى مظاهر الفساد الكثيرة التي تعرفها «تعاضدية التربية الوطنية»، فإنه لا حديث داخل هذا الإطار إلا عن شقة فاخرة في الرباط تابعة للتعاضدية، كان الرئيس السابق يستغلها «للراحة والنوم»، وعندما تم استبداله فإن استغلالها عاد لشخصيات نافذة أخرى في الرباط، وهناك همس يكاد يكون مسموعا عما يجري في هذه الشقة.
ولأن فساد التعاضدية هو قضية جماعية يشارك فيها الجميع، فإن لممثل التعاضدية بمكناس نصيبه الخاص منها، حيث قام هذا النافذ بكراء مقر للتعاضدية العامة للتربية الوطنية هو عبارة عن «كراج» في الأزقة الخلفية لحي حمرية بمكناس مساحته 80 مترا مربعا، بسعر يصل إلى 7000 درهم شهريا ابتداء من شهر غشت 2013 بموجب عقد نملك نسخة منه موقع من طرف الرئيس الجديد للتعاضدية لمدة ثلاث سنوات متجددة.
والأدهى هو أنه منذ هذا التاريخ والتعاضدية تدفع سومة كراء هذا المقر الجديد، لكن دون أن يتم استغلاله لحد الآن لانعدام الشروط الدنيا فيه كفضاء يليق بالمستخدمين والمرتفقين على السواء، وأيضا بسبب رفض المستخدمين الانتقال إليه لكونه سيحشرهم في مكان تنعدم فيه التهوية ومرافق الاستخدام الخاص.
وفي حدود علمنا قامت لجنة يتقدمها الرئيس بتفقد هذا المقر للوقوف على واقعه بعد التنديد بالتكتم الذي طال العملية دون استشارة أي أحد، والسؤال المطروح لماذا وقع «معصيد» عقد الكراء دون الوقوف على حقيقة المقر، أم إن جلسات «جان جوريس» تمحو الذاكرة؟
ثم هل من الصدفة أن تكون المقاولة التي باشرت الأعمال في هذا المقر بمكناس هي نفسها التي قدمت خدمات بمصحة الأسنان بالرباط التي يوجد بها كاتب للفرع خلق لنفسه منصبا بالتعاضدية لا ينص عليه القانون، وهو نائب للرئيس وخصص له مكتبا بالدار البيضاء كما عمل على توظيف ابنين له في التعاضدية؟
والجواب سهل، فالأمور أسندت إلى أمينة للمال تسير في ركب نائب الرئيس الذي أصبح يناور طمعا في رئاسة التعاضدية، فهي الأخرى لم تستثن فلذات أكبادها من كعكة التعاضدية، بل تشير الأصابع إلى وقوفها وراء التوظيفات التي حدثت قبل بضعة أسابيع، خصوصا في قسم المحاسبة والمحاصيل. وليس هذا هو الشك الوحيد الذي يحوم حول أمينة المال بل هناك كذلك الصفة التي خولتها التواجد بالمجلس الإداري، إذ أنها تحضر في المجلس الإداري دون انتخاب أو تعيين، فهل للأمر علاقة بطبخ التقارير التي ترفع إلى الجهات الوصية بعد الجموع العامة، ثم ما دور المجلس الإداري بصفته هيأة مقررة بعد الجمع العام إذا كان لا يباشر أمور الصفقات والعقارات وأوجه صرف المال؟
فمنذ شهر شتنبر لم يجتمع المجلس إلا في دورة استثنائية تتعلق بالتزكية البعدية على قرار اتخذ بانفراد يتعلق بغلق مصحة بالدار البيضاء، والتي لا ندري إن كانت ستستمر كذلك بالنظر إلى أن قرارات الرئيس الجديد لا حول ولا «قوة» لها، ولنا في ذلك مثال حي في طنجة التي عاد الطبيب الذي ادعى الرئيس أنه حقق إنجازا بتوقيفه للعمل داخل المصحة.
ولهذا الطبيب قصة ينبغي أن تروى كعلامة على ما يجري في هذه التعاضدية من غرائب، فقد كان هذا الطبيب يمارس مهامه داخل مصحة وكأنها مصحته، إذ كانت مفتوحة في وجه العموم، وليس فقط رجال التعليم كما ينص القانون، وكان يتقاضى مقابل كل فحص مبلغ 250 درهما، أي بالتعريفة العادية لجميع المصحات وليس بالتعريفة التي تحددها التعاضدية، وعندما جاءته لجنة مراقبة، تكلم معهم هذا «الشجاع» بلغة تحد حيث عرض عليهم شراءها بمليار سنتيم، ليأتي بعد ذلك «معصيد» ويلعب دور البطولة بطرده، وقد تكلفت بعض الأبواق الخاصة بالتطبيل لهذا «القرار الشجاع» في حينه، ولكن لم تمر إلا بضعة أشهر حتى عاد الطبيب إلى مكانه وكأن شيئا لم يكن.
وهنا نطرح السؤال هل سيكون بمقدور لجنة المراقبة التعليق على هذا الأمر في الجمع العام المقبل كما فعلت في السابق؟
وآخر ما تفتقت به ذهنية «معصيد» لذر الرماد في عيون رجال التعليم المحتجين، هو إرساله مراسلة موقعة من السيد «جان جوريس» لفروع التعاضدية يدعي فيها الرفع من المردودية ومراقبة المواظبة ويبشر فيها ببرنامج سيصادق عليه المجلس الاداري.
وما يمكن تسجيله هو أن منظومة الإعلاميات التي يشتغل بها مستخدمو التعاضدية تضبط مواعد الحضور والغياب وعدد الملفات التي أنجزها المستخدم، إذن ما الداعي إلى مراقبة ممثلي الفروع لعمل المستخدمين؟ ثم ما محل المراسلة التي سبق لمدير التعاضدية أن أرسلها إلى الفروع من الإعراب والتي دعاهم فيها لتصفية ما لا يقل عن 180 ملفا للمرض يوميا من طرف المستخدم الواحد؟ وهل ستسري المراسلة على جميع المستخدمين أم سيتم استثناء أبناء أعضاء المجلس الإداري الذين يتابعون دراستهم؟ ثم أليس إسناد صلاحيات لكتاب الفروع في التسيير أمرا مناقضا للقانون أم أن النقابة هي القانون؟ 
«وجاوب أ السي الفاهيم».

إرسال تعليق

0 تعليقات