تازة قبل غزة، وهذا لا يعني أننا لا نهتم بالقدس لكن في المغرب هناك من يموتون دون أن يقتلهم أحد



كم هو نفاقنا الاجتماعي بئيس حد الغثيان، هل نحن ندافع عن الانسانية أم ندافع عن مكان لنا وسط الشاشات والجرائد؟

هناك من يقود حاليا حملة كبيرة ضد ثلاثة أشخاص من بينهم الزميل عمر أوشن، والذي اتخذ قرارا يفسح مجالا أمام مهاجميه، لكنه في كل الاحوال يبقى قراره الشخصي ولا يحق لأحد أن يساءله عنه، لكني دائما أتساءل لماذا كل هذه الحرب الاعلامية وما الفائدة منها؟ هل ستعود القدس للفلسطينيين بهكذا حرب على ثلاث أشخاص أو على مؤسسة ما؟ السؤال لا يحتاج إلى إجابة أصلا، لأن القدس ليست ملكا لطائفة أو دين هي ملك للبشرية بأكملها ولا يحق لإسرائيل أو لأي طرف آخر أن يدعي إمتلاكها، هل يريدون طرد اليهود من إسرائيل؟ هذا أيضا غير ممكن، هل يريدون بأفعالهم محاصرة إسرائيل؟ واهمون إن إعتقدوا ذلك لأن إسرائيل تقود العالم الآن بلوبياتها القوية وقوتها الاقتصادية العالمية.

الامر شيء من إثنين، إما أن هؤلاء يعلمون يقينا ما قلته سالفا ويحاربون من أجل ضمان مكانهم في الشاشات والجرائد، أو أنهم أغبياء لدرجة عدم معرفة كل ما قيل انفا، ولا أعتقدهم كذلك.

ولا زلت لا أفهم أمرا وهو لماذا نحن المغاربة بالذات نخوض الحروب بالوكالة، فعلناها مع فرنسا ضد هتلر، وفعلناها مع فرانكوا ضد إسبانيا، وفعلناها في لاندوشين، والان نقوم بها في سوريا، من جعل المغاربة حماة العالم؟ من نصبهم ليدافعوا عن المستضعفين؟ بالطبع لا أحد، وهم في الاصل لا يدافعون عن أحد بل أصبحوا دمية يجيد الطفل اللعب بها.

دائما أقر بأن الحسن الثاني كان داهية العالم الاسلامي، وبغض النظر عن حكمه للمغرب بقبضة من حديد، وحين تنطلق النقاشات العقيمة حول سفر أحدهم إلى إسرائيل أتذكر قولته "تازة قبل غزة"، وهناك من سيحاول التحليل في الوضعية السياسية آنذاك ويربطها بالمقولة، لكني أومن أنه بالفعل تازة قبل غزة، وتازة قبل القدس، وتازة قبل مكة، وحتى لا يحاول المتأسلمين تكفيري، لأنه أول سلاح يستعملونه حين يفقدون جميع أسلحة الرد العقلانية، أود أن أذكر كذلك بما قاله جد الرسول حين حاول ملك الحبشة الهجوم على الكعبة، وذهب عبد المطلب إلى الملك يريد مقابلته فقابله وأكرمه وسأله عن طلبه وهو يعتقد أنه يريد صد هجومه على الكعبة، فطلب منه عبد المطلب أن يعيد له بعيره، وهو ما جعل أبرهة يستاء من طلب عبد المطلب، لكن الاخير قال لأبرهة حين فهم ما كان ينتظره منه " أنا رب هذه الابل، وللبيت رب يحميه".

أتساءل عن ماذا قدم أعداء إسرائيل للمسلمين في بورما؟ واتساءل ماذا قدموا للمسلمين في إفريقيا الوسطى؟ أليست حرمة النفس البشرية تساوي عند الله حرمة الكعبة؟ إذا كم من كعبة إنتهكت حرمتها حول العالم وهم صامتون، مشغولون بالفتاوي والرد على من يريد السفر لإسرائيل؟ وهنا قد تتضح الحقيقة بعض الشيء ويظهر أن الهدف شيء آخر غير نصرة الاسلام والمسلمين.

أعود للتساءل ما دام هؤلاء لا يطرحون جوابا مقنعا، ويرددون نفس اللازمة " لا لاسرائيل"، ما رأيكم في أنفكوا وإميضر، ما رأيكم إن علمتم أن سكان الاطلس يموت أطفالهم بالجوع أو البرد؟ وحين تستيقظون صباحا في غرف دافئة وتجدون الافطار على الطاولة، وأنتم تبحثون عن من تصدرون حوله بيانا، تعلمون في نفس الوقت أن هناك أطفال جوعى يموتون بردا لأنهم لم يجدوا غطاءا ولا حطبا، ولأن الثلوج سدت جميع الطرقات الموصلة إليهم، تعلمون أنهم محاصرون لكنكم تغمضون أعينكم عن الامر وتقولون بأن هذه مسؤولية الدولة، إنه أمر يبعث على الغثيان، إنه نفاق إجتماعي بئيس هذا الذي تتعاملون به، تجاهدون وتجمعون الاموال لأطفال ونساء وشيوخ سوريا وفلسطين، لكن ضمائركم لم تحرككم يوما لتلتقطوا على الاقل ثيابكم الرثة وتفكروا في إرسالها إلى الاطلس، ألم يقل الاسلام أن المقربون أولى بصدقاتكم، أليس سكان الاطلس أولى جغرافيا بصدقاتكم وتضامنكم؟

أتعلمون يا سادة أن إسرائيل لا يهمها مقاطعتكم لها، لأنكم منذ ما يقارب الستين سنة وأنتم تقاطعونها، ولم تزدد إلا تقدما، أما الدول التي تستقبلكم وتحتضنكم فإنهيارها قريب، ألم يقل إبن رشد "إذا عربت خربت".

إرسال تعليق

0 تعليقات