“المراة هي السبب” هي عبارة تتردد في كل نقاش حول موضوع التحرش الجنسي.”
المراة هي السبب لأنها ترتدي ملابس تثير شهوة الرجل، هي من ترتدي “الميني” والمكياج و العطور. فلا يستطيع الرجل مقاومة كل هذا. وبالتالي، فالتحرش في هذه الحالة مباح و من حقه. هي إجابة بعضهم في الموضوع.
هناك أيضا من يقول: “علاش تخرج البنت وتبقى دور فالزنقة تقعد في دارها أحسن”. أو يقول: “أش داها دوز من ديك لبلاصا، اش داها تمشي لداك المكان“.
وهناك من يبرر هذا بـ: “شوفي واش شفتي شي نهار فتاة ملتزمة داخلة سوق راسها تعرضت لشي تحرش”.
و الإجابة التي سمعت مؤخرا في إحدى القنوات العربية والتي أبهرتني صراحة هي: كيف يمكن ان نلوم القط إن وجد لحما عاريا فأكله”.
سؤالي هنا: هل فعلا المرأة هي السبب؟ هل للمراة القدرة على منع هذه الظاهرة؟ هل هي الوحيدة التي تملك العصا السحرية وهي فقط من لديها الحل النهائي لمشكلة التحرش الجنسي؟
ثم: هل التحرش موجود فقط في الشارع؟ أتناسى أصحاب هاته الإجابات التحرش الذي يتعرض له النساء في أماكن العمل والفتيات وحتى الطفلات في المدارس؟ والأسلوب الجديد الذي فضله البعض للتحرش “التحرش عبر الصفحات الإجتماعية الفاسبوك خصوصا؟ دون أن ننسى طبعا التحرش الذي تتعرض له أخريات من طرف أفراد عائلتهن؟
سؤال أخير: هل لدينا قانون يمكن للمراة من الدفاع عن حقها وقانون يعاقب المتحرش؟ أم أنها ستظل صامتة خائفة من مجتمع لا يرحم، مجتمع يعتبرها عار وعالة على العائلة في مثل هاته الحالات؟
رغم كل التطورات التي عرفتها الدول العربية في كل الميادين الإقتصادية والإجتماعية والحقوقية، إلا ان مشكلة التحرش الجنسي بالمرأة تظل مجهولة المعالم و المصير.
أشعر أحيانا بالإستفزاز من بعض الإجابات التي سبق سردها في هذا المقال المتواضع، حيث توجه أصابع الإتهام دائما إلى المرأة. وأستغرب ممن يرى في التزام الفتاة سببا وحلا للمشكلة.
للتذكير فقط فالنساء الأفغانيات هن أكثر النساء في العالم العربي الإسلامي تحرشا عنفا وإغتصابا بالرغم من انهن منقبات. إذن فإلتزام المرأة أو لباسها بمعنى آخر لا علاقة له وليس السبب الرئيسي في التحرش.
أما بالنسبة للأستاذ الذي أعطى مثالا عن القط أي أنه شبه الإنسان”الرجل” بالحيوان”القط”، فقد تناسى العقل الذي ميزنا به الله عز وجل وأباح التحرش لكون ان المرأة هي السبب. فلا جواب لي له سوى ان أقول يا حسرتي على من مثلك من أساتذة.
تتعرض المرأة للمعاكسة بسماع بعض النعوت المخلة والشاذة. التحرش الذي يصل في بعض الأحيان إلى اللمس دون أن تستطيع الدفاع عن نفسها لأنها تعلم جيدا أن في محاولتها إحتمال وقوع مشاذات هي في غنى عنها، خصوصا إن تطور الأمر ووصل الخبر إلى عائلتها التي سيكون رد فعلها ب:” أنت السبب لا خروج من المنزل بعد اليوم“.
تتعرض المرأة للمعاكسة من داخل منزلها بمجرد أن تطل من النافذة مثلا حتى تبدأ المغازلات “عصفور طل من الشباك“.
هاته الظاهرة تخطت الشارع واقتحمت أماكن عملها التي يصعب على المرأة الرد أو الدفاع لأن سلطة مشغلها أو مديرها تمنحه صلاحية القيام بكل شيء دون تردد، وهو ما يجعلها سجينة حلين اثنين لا ثالث لهما: إما الصمت والإستمرار في العمل أو الصمت و ترك العمل.
ربما كنتم تظنون ان الحل الثاني هو عدم الصمت و ترك العمل. لكن أيمكن للمرأة في مجتمعنا العربي أن تصرخ بصوت عالي وتقول تعرضت لتحرش من طرف مديري أو صاحب الشركة التي أشتغل بها؟ مستحيل بل من سابع المستحيلات. فمثلا إن كانت متزوجة فهي تعلم جيدا أن الزوج إن علم بالخبر فالطلاق هو مصيرها مع عبارة “أنت السبب”.
كما تتعرض الفتاة الطالبة للتحرش من بعض الأساتذة الذين يستغلون سلطة النقط للضغط عليها. وبالتالي تصبح الفتاة مجبرة على التحمل لأن هدفها هو النجاح، وإن تجرأت على ذلك فالصفر هو معدلها و “أنت السبب هو جوابها“.
تطورت في الآونة الأخيرة هذه الظاهرة عبر طرق حديثة، الله يكتر خير التكنولوجيا التي استعملها البعض في التحرش والتشويه أكثر بالفتاة عبر نشر صورها الخاصة في بعض الصفحات المخصصة ل……. و كذلك عبر الفوطوشوب الذي يغير صورة الفتاة إلى ;;
مؤخرا في مدينة الناظور حرمت فتاة من استكمال دراستها بسبب الفايسبوك بعد أن أخبر بعض المحسنين (الذين قامو بتصوريها و إنشاء صفحة خاصة لها) أباها أن لها حسابا تنشر فيه صورها فما كانت النتيجة إلا حرمانها من الدراسة. وطبعا هي السبب!!!!!
هي حالات تجسد معانات المرأة في مجتمع لا يحترم المراة، في مجتمع يغيب فيه الأمن وتسوده الفوضى، مجتمع يربى فيه الطفل منذ صغره على كون الفتاة مجرد جسد مهمتها الأولى والأخيرة هي إشباع رغباته. والغريب في الأمر أن الشاب يسمح لنفسه بمعاكسة والتحرش بالفتاة، لكنه يرى في أمه وأخته وزوجته وابنته وحتى حفيدته خطا أحمر لأن في ذلك مس لرجولته.
لما لا تقوم الدولة بفتح رقم خاص يمكن المرأة من الإتصال لتخبر لجنة خاصة بتعرضها للتحرش من طرف شخص ما سواء في العمل أو الشارع؟
لما لا تقوم وزارة التربية الوطنية بالخصوص بوضع برامج ومناهج للتربية الجنسة وتعليم الطفل منذ نشأته احترام الجنس الآخر؟
لما لا يكون هناك قانون يجرم ويعاقب كل من حاول التحرش بنصف المجتمع؟
.“المرأة هي السبب“.
1 تعليقات
hada kalam jamil okhti walakin atra7 soal sawfa yorbiko lkatirin man mina lam youmariss taharochan jinsiyan kolona dalika l inssan wa hada ljinss yaskonouna xiaana am abayna
ردحذفالصفحة رسمية لجريدة الأخبار المغربية